تكتسي الأملاك الوطنية العقارية المملوكة للدولة والجماعات المحلية بنوعيها العامة والخاصة، أهمية اقتصادية واجتماعية، باعتبارها الركيزة الأساسية التي تراهن عليها الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، وهي تشكل المورد الثالث بعد المحروقات والضرائب للميزانية العامة أو بالنسبة للجماعات المحلية باعتبارها أن ناتجها يشكل مساهمة لا يستهان بها في الميزانيات المحلية، لذلك تعمل على تثمنها وتحسين مردوديتها الاقتصادية بغرض الحصول على أكبر قدر ممكن من العائدات المالية، التي تساهم في تغطية النفقات العامة من خلال الإيرادات المالية الناتجة عن استغلالها، خاصة وأن عائدتها المالية تتميز بالاستقرار والدوام مقارنة بالموارد الجبائية التي تعرف تقلبات تعود إلى طبيعة المحيط الاقتصادي للبلاد،
وفي إطار تثمين الأملاك الوطنية العقارية واستغلالها العقلاني، وضع المشرّع الجزائري قواعد خاصة تمكن الهيئة العمومية المالكة من اتخاذ التدابير اللازمة التي تمكنها من الاستغلال العقلاني لعقارتها قصد تحسن مردوديتها الاقتصادية وتثمين عائدتها من خلال مراجعة طرق وشروط الاستغلال وتحيين مختلف التعريفات والإتاوات،
ولما كانت الجماعات المحلية هي قاعدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خولها المشرع سلطة اختيار الأسلوب الذي تراه مناسبا لاستغلال املاكها العقارية، وفقا للقوانين والتنظيمات المعمول بها، على أن تلتزم باتخاذ التدابير اللازمة من أجل تثمن عائداتها والحفاظ عليها، وفي هذا الصدد يلزم قانون البلدية رقم 11-10 في نص المادة 163 المجلس الشعبي البلدي باتخاذ التدابير اللازمة من أجل تثمين أملاك البلدية المنتجة للمداخيل وجعلها أكثر مردودية،
ونظرا للدور الذي تلعبه الأملاك الوطنية العقارية في تحقيق التنمية الاقتصادية نصّ المشرّع الدستوري على ضرورة حمايتها من كل أشكال الاعتداء التي قد تتعرض له ويُؤثر سلبا على مردوديتها، وقد كلَّف التعديل الدستوري الأخير رئيس الجمهورية بالمحافظة عليها، وذلك بأن يقسم بالله على ذلك، عند أداء اليمين الدستورية، إلى جانب الحماية الإدارية والقضائية التي تضمنتها مختلف النصوص القانونية، للحد من الاعتداءات التي تقع عليها من المواطنين ومن الموظفين المكلفين بإدارتها وتسييرها.
إشكالية الملتقى:
إن مردودية الأملاك الوطنية العقارية وبالأخص المملوكة للجماعات المحلية تبقى ضئيلة ولا ترقى إلى تطلعات المواطنين والسلطات العليا في الدولة، وهذا راجع إلى عدم ملاءمة القوانين للتحولات الاقتصادية ومتطلبات الاستثمار، وعدم كفاءة وقدرت الأشخاص المكلفين بتسيير واستغلال الأملاك الوطنية العقارية خاصة المنتخبين المحليين على اتخاذ الإجراءات والتدابير الازمة التي تحسن من مردوديتها، علما أن تسيير الأملاك الوطنية بصفة عامة وأملاك الجماعات المحلية بصفة خاصة يقتضي توفر كفاءة وخبرة كبيرة في هذا المجال، إلى جانب انتشار ظاهرة الاستغلال الأملاك العقارية التابعة للدولة بطريقة غير مشروعة، وعليه يأتي هذا الملتقى الوطني ليسلط الضوء على الإشكالية التالية:
ما مدى ملاءمة النصوص القوانين والتنظيمية التي تحكم تسيير الأملاك الوطنية العقارية مع مقتضيات التنمية الاقتصادية، الوطنية والمحلية؟