الصحة في شمال إفريقيا عبر العصور
لا شك أن الأمراض والوهن والضعف صاحبت الإنسان منذ وجوده، وأعاقته على استمرارية نشاطاته، فراح يبحث عن الأسباب المباشرة لذلك، ولأنه عجز عن إدراكها رادا الأمر إلى الإرادة إلهية مستسلما لها في بادئ الأمر، ثم تطور فكره إلى تأليه كل القوى الخارجة عن سيطرته، وبالتالي عزى الأمراض إلى القوى الخفية الشريرة، وفي عصور لاحقة اعتبرت أنها عقاب من الله.
وبمرور الزمن وتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية للإنسان، ظهرت جملة من الأمراض متفاوتة الخطورة، إلا أن عن طريق التجربة والخطأ انعكس ذلك على وعيه، فراح يبحث عن حلولا لمشكلاته الصحية، فظهرت حالة من الوعي الصحي التي لم تكن وليدة الحكمة والعقلانية في السلوك وحسب، بل كانت نتيجة لمعرفة طبية قديمة، كما كانت نتيجة الأقوال المأثورة المتعلقة بحفظ الصحة.
وانتشر مفهوم الصحة عند الناس نتيجة تكاثر الأمراض المعدية بقوة، لا سيما في ق 19 و20م، فبدأ تأسيس نظام الوقاية من الأوبئة كضمانة أساسية لصحة الإنسان، ولم يتعلق الأمر بالصحة الفردية وحسب، بل كان الاهتمام بحفظ الصحة الجماعية باعتبارها أحد أهم العوامل الرئيسة التي تقرر مصير الحضارة الإنسانية.