الثورة التحريرية الجزائرية - قراءات ومقاربات - من منظور العلوم الإنسانية والاجتماعية
اندلعت الثورة التحريرية الجزائرية المشهودة ضد الاستعمار الفرنسي في الفاتح من نوفمبر 1954 ودامت سبعة سنوات، راح ضحيتها مليون ونصف مليون شهيد وهي ضريبة دفعها الجزائريون من مختلف الشرائح والتراتبات الاجتماعية لتحقيق أهدفها التي كان على رأسها نجاحها والحصول على الاستقلال في سنة 1962، فنتج عنها مخلفات عميقة في الأوساط الاجتماعية بربوع الوطن، ليكتسح صداها خارجه عبر أنحاء العالم. مما أسفر عن الثورة التحريرية انطباعات عديدة في مختلف المستويات والمجالات بالمجتمعات العربية والغربية على حد سواء.
عندما نتكلم عن الثورة التحريرية فإننا نتكلم عن توثيقها في مجال العلوم الإنسانية التي تقوم على دراسة الأنشطة الإنسانية و توثيق تجاربهم وكل ما يرتبط بهم والاجتماعية التي تهتم بتخصصاتها وفروعها بالمجتمع وعلاقات الأفراد مع بعضه البعض داخل المجتمع
وكذلك بالدراسات الإقليمية ودراسات الاتصالات والدراسات الثقافية وما ينجر عنهم في المخيال الاجتماعي، باعتباره حصيلة حتمية لإفرازات البيئة الاجتماعية الذي يتحكم في سلوك الفرد والمجتمع ،وفق ما تمليه الخبرة الاجتماعية ،من خلال ترك أثره في التمثلات الاجتماعية وفي المخيال المحلي الوطني وأيضا المخيال الاجتماعي الدولي ، باعتبار أن الثورة التحريرية نموذج للثورات الوطنية الشعبية.
هذا ما سعت إليه مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية بأقلام من النخب المثقفة باختلاف أصولها الاجتماعية وتخصصاتها العلمية داخل وخارج الوطن وفي فضاءات عديدة لنشر تعاليم الثورة التحريرية ووصف تجلياتها واتخذت منها أقلاما لكتابتها بأشكال مختلفة عبر قنوات الاتصال من خلال أدبياتها، فأصبحت موضوع إلهام وإبداع في عدة تخصصات العلوم الانسانية والاجتماعية من الأدب والفنون ، الفلسفة ، علم الاجتماع ، علوم السياسية ،التاريخ،الأنثروبولوجية...الخ.
إنّ الثورة التحريرية تعتبر محطة تاريخية تمثل مصدر ومرجعية أساسية نلمس تجلياتها في الخطاب المحلي والعالمي لمختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية مع اسهام علوم أخرى لتمجيد الثورة وإعطائها الطابع المقدس أو تحليلها بطرقة علمية نقدية.