سيطر النص الأدبي على الدراسات النقدية لعقد من الزمن، خاصة مع الشكلانيين الروس والبنيويين، الذين عدّوا كل خروج عن نسق النص تنقص من علمية الباحث، لكنه مع أواخر ستينيات القرن الماضي انفتح البحث الأدبي على مشروع ما بعد الحداثة، متجها صوب المتلقي (القارئ) الذي رُدّ إليه الاعتبار لأهميته في تشكيل الدلالة، وقد شكّلت الدراسات التي تعنى بالقراءة والمتلقي نظرية التلقي، هذه الأخيرة التي جاءت لتحرّر الدراسات النقدية من أسر النص والرسالة الفنية، لتركز على عنصر المتلقي كونه البؤرة في تشكيل المعنى.
حظيت نظرية التلقي بقدر كبير من الاهتمام لدى الباحثين العرب المعاصرين، فقد أسهموا إسهام مشاركة وتفاعل ومثاقفة، سواء من حيث الوصف النظري لما ورد لدى الباحثين الغربيين حول نظرية التلقي، أو تطبيق إجراءاتها النقدية على الخطابات الأدبية، أو خطاب الترجمة.
من هذا المنطلق يجدر بنا أن نطرح مجموعة من التساؤلات أهمها: ماهي الأسس الفكرية والفلسفية التي انبنت عليها نظرية جمالية التلقي؟ ما هي أهم المفاهيم والمصطلحات التي جاءت بها النظرية؟ كيف تلقّفها الباحثون العرب على مستوى الخطابات الثلاثة: الوصف النظري، التطبيق، و الترجمة.
انطلاقا من هذه الأسئلة ندعو المشاركين إلى الإجابة عنها، وإثراء هذا الموضوع من منطلق علمي.