يعتبر اضطراب التوحد في الجزائر مشكل صحة عمومية، الذي استعصى على الكثير من الباحثين والمختصين من أطباء و نفسانيين في التكفل بهذا الاضطراب، الذي أصبح يأخذ شكلا واسعا بين الأطفال في مجتمعنا وهو في تزايد مستمر، وهناك أرقام إحصائية تدل على ذلك.
ولعل من أكثر الأمور تعقيدا في هذا الاضطراب هو صعوبة التشخيص نظرا لاشتراك أعراضه مع أعراض التخلف أو التأخر العقلي، وهذا الأخير هو الدافع الحقيقي للتقدم إلى الفحص والاستشفاء في مصالح الطب العقلي للأطفال، وعليه فدقة التشخيص تتوقف على الخبرة الطويلة للمختصين في مجال الطب العقلي للأطفال في ظل الحديث الآن عما يسمى بـ«طيف التوحد"، نظرا لتعدد أشكاله العيادية مع وجود علامات سيميولوجية دائمة متعلقة باضطرابات التوحد، لذلك تعتبر أسباب التوحد اضطرابات نمائية شاملة تغزو النمو العقلي وتتلف كل السجلات الوظيفية للطفل، وتؤدي إلى قصور في العمليات العقلية، كما تمس عمليات التعلم والتواصل والتفاعلات الاجتماعية بدرجات متفاوتة.
ويعني مصطلح التوحد الانطواء على الذات، ويعرف على أنه حالة ذهنية مبكرة تصيب الطفل، غالبا قبل سن الثالثة. ويظهر الجدول العيادي لهذا الاضطراب الانعزال التوحدي، وهذا ما يستوجب ضرورة وجود تكفل نوعي خاص بكل طفل وبكل أسرة وليس فقط مجرد علاجات عرضية سواء كانت علاجات كيميائية أو علاجات علائقية ونفس تربوية.
من هذا المنطلق فكرنا في تنظيم ملتقى دولي يشارك فيه كل من الأطباء المختصين ونفسانيين الذين لهم خبرة و ممارسة احتكاكية مع هذا النوع من الاضطراب إلى أن نصل معا في توضيح مسألة التشخيص لمرضى التوحد.