تعتبر إشكالية بناء الدولة في الساحل الإفريقي موضوع متشعب الأبعاد والخلفيات التاريخية، السياسية، الاقتصادية، الأمنية، الاجتماعية والثقافية، نال استقطاب واهتمام الدراسات والنقاشات الأكاديمية والتي سلطت الضوء حول قضية تشكل الدولة ما بعد الاستعمار في إفريقيا وما تحمله المسألة من معضلات أمنية تهدد دول الجوار في مقدمتها الجزائر، وكذا رواسب تاريخية أنتجتها مشكلة الحدود الجغرافية المتوارثة عن الاستعمار، بالإضافة إلى النزاعات العرقية والطائفية وكذا التبعية الاقتصادية وأزمة الهوية، أزمة الشرعية والمشروعية، وهي عوامل وليدة استيراد النموذج الغربي للدولة الوطنية غير المتوافق مع خصوصية البيئية المحلية لدول الساحل الإفريقي.
بناءا على هذه المعطيات العملية اتضح أن منطقة الساحل الإفريقي تحولت إلى منبع للأزمات سواء التهديدات الأمنية العسكرية أو اللّاولاتية المرتبطة بالظواهر فوق القومية العابرة للحدود السيادية للدول من تجارة المخدرات وتجارة البشر، الجريمة المنظمة، الهجرة غير الشرعية.
الجزائر هي الأخرى لم تكن بمنأى عن هذه المعضلة الأمنية التي أثرت بتداعياتها على مختلف مستويات الأمن القومي، وفي ظل هذه المعطيات العملية تم الخروج بإشكالية رئيسية مفادها:
فيما تكمن العوامل المساهمة في تعميق أزمة بناء الدولة في الساحل الإفريقي؟ والي أي مدى أثرت على الأمن القومي الجزائري؟وفيما تكمن الميكانيزمات الكفيلة بتجاوز التحديات التي تجابه عملية بناء الدولة في الساحل الإفريقي؟