يقول فيليب جونيير: نستطيع أن نقرر، منذ البداية، أن المعرفة في المنظور السوسيو بنائي موطّنة في سياق اجتماعي وفيزيائي. كما نستطيع، أيضا، أن نقرر أن الكفايات لا تتحدد إلاّ تبعا للوضعيات، ومن ثم فهي تشبه المعارف في أنها موطنة أيضا في سياق اجتماعي وفيزيائي. وعلى ذلك يصبح مفهوم الوضعية مفهوما مركزيا في التعلّم: ففي الوضعية يبني المتعلم معارفه موطنة، وفيها يغيرها أو يدحضها، وفيها ينمي كفايات موطنة كذلك، وبعبارة أخرى فإن المضمون الدراسي لم يعد هو الحاسم في التعلّمات، بل الوضعيات التي يستطيع التلميذ أن يستعمل فيها هذه المعارف "المكتسبة" بوصفها موردا من بين موارد أخرى، من أجل إظهار كفاية معينة في وضعية من الوضعيات. وبهذا فإن الكفاية -في المنظور البنائي-قابلة لأن تتصف بنفس الصفات المميزة للمعارف؛ فهي تتميز بكونها: مبنية، وتحدّد داخل وضعية، انعكاسية تأملية، صالحة للاستبقاء مؤقتا، واعتماد الوضعيات المشكلة مدخلا لبناء الكفايات، يندرج في إطار هذه الرؤية الملتزمة بتكريس معطيات وقدرات ذات المتعلّم كي يتجشّم التلميذ عناء التعلّم بمسؤولية واقتناع، ويعبئ طاقاته العقلية للفهم والإدراك والإبداع. وترتكز بيداغوجية الإدماج على تيسير عملية انتفاع المتعلم بما درسه في السابق لاكتساب معارف ومهارات متعدّدة ودمجها مع بعضها في اتّجاه بناء كفايات جديدة تزداد بها القدرة على الفعل والحركة في الواقع، وتصير هي الأخرى مادة لصياغة وضعيات مشكلة تستحث النفس في طلب المزيد من الاكتساب العلمي والكفايات العملية.
الإشكالية:
في ضوء هذا الطرح كيف يسهم التدريس بالوضعيات في نماء كفايات المتعلّمين في ميداني التلقي والإنتاج، وكيف يكتسب المعلّم كفاية تدريس حصص الوضعيات في مختلف أنشطة وموارد مادة اللّغة العربية وآدابها.