انتهجت السلطة الاستعمارية الفرنسية أبشع أساليب القمع والتعذيب في حق الشعب الجزائري أفرادا وجماعات، بل تفننت فرنسا في تعذيب الجزائريين خلال الثورة التحريرية (1954- 1962)، وطبقت كل الأساليب الإجرامية والوحشية اللاإنسانية بغية عزل الشعب عن الثورة والقضاء عليها، إذ أنشأت الإدارة الاستعمارية مراكز للتعذيب في مناطق مختلفة وبأشكال متعددة وفي أماكن مجهولة، ليتم التعذيب في سرية تامة، وبممارسة جلادين غلاظ القلوب ومجرمي الحرب. لقد كان ملف التعذيب المنافي لحقوق الإنسان يشكل سرية تامة في ظل تكتم وتعتيم الإدارة والإعلام الاستعماريين.
وعليه، فموضوع " التعذيب الاستعماري" بقدر ما هو مرتبط بالتاريخ والذاكرة، بقدر ما له من آثار نفسية عميقة في ذات المعاصر للحدث التاريخي، فالحديث عن كواليس التعذيب حديث يمجه العقل وتشمئز منه النفس، مما يعكس الحالة النفسية لضحايا هذا التعذيب.
ومن أجل ذلك نعقد ملتقى علمي من أجل تسليط الضوء على جوانب خفية من سياسية التعذيب الفرنسية في الولاية الخامسة، وتوثيقا لشهادات حية ممن عاصروا الثورة التحريرية.